بسم الله الرحمن الرحيم
"فـكِّرْ جيداً، انـتـقِ مَن يفـكِّر، واعملْ مع من يفـكّر"
يتّخذ خلف أحمد الحبتور، مؤسّسُ مسجدِ ومركزِ الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بدبي، هذه المقولةَ بكلِّ مضامينها، محرّكاً لعقلِهِ وقلبِه. فالحبتور أرادَ أن يكونَ هذا المسجدُ والمركزُ، عنواناً للعبادةِ والتسامحِ والأخاء الإنساني بين أهلِ الشرائع السماوية. وهو كذلك بالفعل إذ يستقطبُ الزوارَ من كلِّ حدبٍ وصوب، ويُشكّل قُبلةَ الأنظار.
وقد جسّدَ هذا المسجدُ والمركز ُفي إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ما يختلجُ في وجدانِ الحبتور من أفكارٍ وتطلّعات، فكان تجلياً لأعظمِها أثراً وأرفعها مقاماً، وتعبيراً عن الفكرِ الخلاّق والهدفِ السامي والغايةِ الناصعة.
يتمتّعُ زائرُ هذا الصرحِ الإسلامي والإنساني الضخم، بأيقونةٍ تشعُّ سلاماً ورحمةً وسكينةً، وبمآذنَ أربع تُعانقُ فضاءَ دُبَي، وبقبابٍ تعلو ذلك البناء. وقد أبدعَ أفضلُ حرفيي عصرِنا، بتزيينِ هذا الصرح بأبهى الأشكالِ والألوانِ التي تطالعُ أفواجَ المصلّين والسياح الذين يجولون بين أروقةِ المسجدِ والمركز وتحت قبابِه، ممتّعين أنظارَهم بسحرِ ما يحويه المكان.
يقصدُ كثرٌ هذا المسجدَ بهدفِ الصلاة، والآلافُ منهم يأتون من أماكنَ بعيدةٍ نِسبياً، وغايتُهم الإصغاءُ لأشهرِ أئمة العالمِ الإسلامي بأصواتِهم الرخيمة التي تُضفي روحانيةً متميّزة. فخلالَ شهرِ رمضان الكريم، يستضيفُ المسجدُ هؤلاء الأئمة بدعوةٍ من الرجل الكريم، خلف أحمد الحبتور، وكلُّ ذلك لإضفاءِ أجواءَ رمضانيةٍ تُشعرُ الزائرَ بأنه يزورُ مجموعةً من أشهرِ مساجدِ الأرض في شهرٍ واحد وفي مسجدٍ واحد.
هذا المركزُ والمسجد لم يكن ليبصرَ النورَ لولا صوابيةِ قراراتٍ اتّخذها خلف أحمد الحبتور، مستشرفاً آفاقاً تتجاوزُ الحاضرَ نحوَ مستقبلٍ متسارعِ الخطى. فالرجلُ حرصَ على بناءِ ما يَصقلُ النفسَ البشريّة ويؤسّسُ مناخاتِ سلامٍ ومحبة للإنسانية جمعاء، بعبقٍ إيماني يواكبُ رُوحَ العصر، وبما لا يتعارضُ وسماحةَ الأصالةِ ونهجَ الصالحين. ولم يكن ذلك صعباً بالنسبة إليه، هو الذي يتحلّى بعصاميّةٍ نادرةٍ ولا يخشى الإقدامَ ويبتعدُ عن التردّد، واعتادَ على تحقيقِ ما يعدُّه كثيرون خيالاً أو حلماً أو مستحيلاً، فخطواتُه واثقةٌ وراسخة، وسلاحُه حكمةٌ شعارُها: فَكِّرْ برويَّةٍ، واعملْ بجدٍّ، وشاركْ في زرع أثرٍ مُورِقٍ يرفعُ مقامَ بلدكَ رُقِيـًّا وتَحَضُّراً وسطوعاً بين نجومٍ تستحق مكانتَها في صفحةِ السماء.