منذ تشرّفت وكنت إماماً وخطيباً في مسجدِ الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بدبي، في العام 1995 إلى يومنا هذا، وكانَ تحت رعايةٍ كريمةٍ من أبي راشد، خلف أحمد الحبتور – جزاه الله خيراً - كانت تمتلكني ثقةٌ بأنّ هذا المسجدَ الذي استحوذَ على مكانةٍ مميزةٍ، سيكونُ علامةً فارقة بدبي. في هذا المسجد أمضيتُ أيامَ العمرِ وتعرّفتُ إلى أهلِّ الحيّ فبتنا أسرةً، وعرفت أبا راشد من خلال رعايتة المتميّزة للمسجد.
ومضَت السنواتُ وكبرَ الحلمُ وبات يقيناً، وتحوّلت النبتةُ الصغيرةُ إلى نخلةٍ شامخة، وأصبحَ هذا المسجدُ المبارك مجمَّعاً إسلامياً وصرحاً معمارياً حضارياً رَسمَ صورة الإسلام المتسامح وصورة الإسلام الحضاري الإنساني كرسالةٍ إنسانيةٍ وإسلاميةٍ واضحة.
إنّ عملي في هذا المسجد المبارك تركَ في نفسي الأثرَ العميق، وأصَقل خبرتي، وطوّرَ معارفي، وساهمَ في تنقيةِ علاقاتي بالناسِ والمجتمع، فلم يكن مجرّدَ مسجدٍ وحسب، بل كان حلقةً إيمانية رائعة نشرَت الإسلام ورسمَت الصورةَ المثلى للمسلمِ الحقّ الذي يعملُ لدينه ودنياه. ومع السنوات تحوّلَ المسجدُ من علامةٍ في جميرا حيث أقيم، إلى معلمٍ مهمٍ من معالمِ دبي خصوصاً، والعالمِ الإسلامي عموماً.
بين جدرانِه قضيتُ الأيامَ والليالي، وتحوّل الحلمُ حقيقةً، فبات الشيءَ الأهم في حياتي، وبتُّ أشعرُ أنني جزءٌ منه وهو جزءٌ مني. إنه تجسيدٌ للإسلامِ الذي يرتقي بالوجدان ويهذّب النفوس ويصقل الذات. بارك الله كلَّ من كان له الباعُ في حضورِ هذا المسجدِ الكبير في رسالتِه، الشامخِ في رؤيتِهِ، والنقيِّ في إيمانِه. وليبارك المولى كلَّ من ساهمَ بذلك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.